خواطر رمضانية

إذا كان للدنيا ربيع يرق فيه نسيمها ويطيب هواؤها وتصفو سماؤها فإن لها ربيعا آخر هو حلول شهر رمضان الفضيل حيث تصفو فيه النفوس وترق القلوب وتسمو الأعمال وتخضع الأعناق وتتطهر الأبدان ويطيب اللقاء في التراويح والقيام وقراءة القرآن .
1- مصر كما أتمنى أن أراها في رمضان :
أتمنى أن أرى وطني العزيز يكتنفه نور القرآن وتغشاه سكينة الإيمان وتعمّه أريحية البذل والعطاء والتضحية والفداء،فيشيع الخير في أرجائه وينتشر الأمن على ربوعه وتهدأ النفوس وترقى العقول .
ويعود المصريون إلى موروثهم النبيل من التواد والتراحم وعمق الصلات الإنسانية ومتانة الروابط الاجتماعية .
فنرى المصريين بكل طوائفهم وانتماءاتهم السياسية والدينية وطبقاتهم الاجتماعية من مسلمين ومسيحيين ومن إخوان وسلفيين ومن لبراليين وعلمانيين وشباب ومسنين وأثرياء ومحتاجين يتزاورون ويتبادلون التهاني بحلول الشهر الفضيل .
وهذه هي مصر ،وهذا هو شعبها العظيم ،تدينها هو وجودها ،يشكل ملامحها ويسدد خطواتها ،دين متوطن في النفوس ،متجذر في القلوب ،متشعب في الشعور ،راسخ في الأفئدة ،دين بتسم باليسر في تعاليمه والسماحة في أخلاقه والرفق في سلوكه . ويتجلى في صدق المودة ،ورقة المرحمة ،وآداب السلوك .
2-دروس رمضانية : من معاني رمضان الفضيل
مازال رمضان نبعا فياضا بالمعاني السامية والحكم البليغة للعلماء والأدباء والفقهاء ، ولا أريد الكشف عنها أوتحليلها ولكنني أٍريد أن أضيف إليها معنى آخر قد يسهم في تزكية نفوسنا وترقية سلوكنا وهو ( الإبداع والتجديد ) ، حيث خصص الشرع شهرا من العام لتدريب المجتمع على التغيير ونفي الرتابة والتحرر من أسر العادة ،حيث ينصهر أفراد المجتمع في بوتقة واحدة بأفعال في مواعيد محددة للطعام والشراب ويجتمعون في أماكن محددة لأداء الصلوات الجامعة في التراويح والقيام .
ولهذا علينا أن نقتبس من هذا التشريع الحكيم كيف نجدد حياتنا ونبدع في حل مشكلاتنا ونوحد صفوفنا ، فنحقق الأمن المفقود الذي بدونه تتسمر الخطوات وتتشتت الجهود ،وأنا واثق من أن الإنسان المصري الذي حباه الله العقل المستنير والإرادة الحرة والفكر السديد قادر على تخطي العقبات وحل الأزمات .

3-مستقبـــــل مصــــــــــر :
كلنا نسأل : مستقبل مصر إلى أين ؟ وكل طائفة أو حزب أو جماعة أو ائتلاف يحاول يرسم خريطة الطريق بما يلائم معتقده وخبرته وتوجهه ،وأنا لا أطعن في وطنية أو مصداقية أحد .
ولكنني أقدم رؤية لعلها تحظى بالقبول ،كلنا على يقين بأن علم الغيب عند الله أما الإنسان فعنده العلم والرؤية الموضوعية وتجارب الماضي والتخطيط الواقعي الذي يمكن من خلالهم التنبؤ بالمستقبل ،ولهذا أرى أن بناء المستقبل في حاجة إلى ركائز أساسية (وهي من دروس رمضان ) 1- الصبر على نتائج الأعمال لأن استعجالها يثمر نتائج فجّة غير ناضجة - 2الإيثار:من خلال إنكار الذات وتفضيل المصلحة العامة على الميول والأهواء
افالذين يرون أن مصر كنز يؤخذ منه فقط ،أعداء لأنفسهم ولأبنائهم ولوطنهم . 4-العمل: فالذين توقفوا عن العمل وتفرغوا لنشر الشائعات وإثارة الفتنة هم أشد أعداء مصر
-4 شبــــــاب مصـــــــــر:
إذا كنا نتحدث عن الأمن والمستقبل فلابد أن نتحدث عن شباب مصر قلبها النابض وحصنها الحصين ودرعها الواقي ،وهم المدّ المتجدد والمادة الدائمة .
حقا إن الراعي الذي يغفل عن شاته ،يقدمها طوعا للذئاب (وكم حذرت شباب الثورة الحقيقيين من الذئاب ) فلا نأسى اليوم ونحن نراهم يُختلسون منا ، لأننا أضعناهم ، إن العقل والنفس آنية بالغة السعة ولاتبقى فارغة فإن لم يملأها الفكر القويم ملأها الفكر المشوة ، والثمن باهظ كما تعلمون .
ختاما : إن شهررمضان زادٌ لاينتهي مدده ،ولهذا أغتنم بركة أيامه ولياليه، وطهارة النفوس فيه ، لأضرع لله تبارك وتعالى أن يجنب مصرنا الغالية ويلات الفتن ، وأن يشدّ أزرنا ، ويوحد صفوفنا ، وينصرنا على أعدائنا من أبناء بلدنا . وأن يحفظ لنا بلدنا عزيزاً