المبني
أسوان ـ أحمد الزيات: تشهد عملية تطوير وتجديد فندقي »كتراكت« القديم والجديد بأسوان مخالفات وتجاوزات مالية وإدارية وفنية خطيرة تهدد القيمة الأثرية خاصة لفندق كتراكت القديم الذي تملكه الشركة القابضة للسياحة والفنادق »إيجوث«. فمن الناحية الفنية تم فك جميع الاعمال الصحية والكهربائية وأجهزة التكييف والتبريد بطريقة عشوائية بالمخالفة لبنود التعاقد التي نصت علي أن جميع الاعمال الكهربائية يجب فكها وعمل اختبار لصلاحيتها وتغليفها وترقيمها وعمل جدول لها وتقرير بحالتها الفنية وتشوينها في مخازن المالك وإعدادها للبيع بالمزاد أو للاستخدام مرة أخري.. إلا أن ما تم في تلك البنود ما هو إلا فك بطريقة غير سليمة وتشوين بطريقة عشوائية!.. مما أفقد كل الأدوات التي تم فكها أكثر من نصف قيمتها وهذا ما اعترض عليه المهندس الاستشاري المختص بهذا الشأن، وكانت النتيجة إقصاءه واستبعاده من الموقع وتم بيع جميع الأدوات التي تم فكها في المزاد العلني، ولكي تتمكن شركة الزهراء من صرف قيمة البند كاملاً استطاع ملاك شركة الزهراء الحصول علي توقيع من ممثل المالك بتنفيذ جميع الاعمال كما ورد ذكرها في المقايسة وللتصديق علي هذه الجزئية يمكن الرجوع إلي محاضر تسليم الأدوات التي تم فكها وكذلك محاضر بيعها بالمزاد ومقارنة أسعار الفك مع أسعار البيع. ومما يزيد الأمر سوءاً المبالغة في أسعار المقايسة التي تم طرحها وتسعيرها والموافقة عليها من قبل المالك وشركة إدارة المشروع والمكتب الاستشاري حيث تكمن المبالغة في الأسعار في الآتي: 1 ـ باب يتم فكه بقيمة 550 جنيهاً ويباع بقيمة 200 جنيه. 2 ـ وحدة تكييف يتم فكها بقيمة 800 جنيه ويتم بيعها بـ 200 جنيه. 3 ـ فك كابلات يفترض أنها جديدة سيتم إعادة استخدامها مرة أخري ثم سحبها من المواسير الأرضية بقيمة 6200 جنيه، ولم تعد تصلح للاستخدام مرة أخري، بينما يتعدي سعرها 250 ألف جنيه تم تدميرها كلياً. وتكشف أسعار هذه المقايسة شبهة فساد خطيرة تشوب هذه العملية حيث جاء بها تخصيص 35 ألف جنيه لفك لوحات كهرباء رئيسية وفرعية مع عمل رسومات هندسية لكل لوحة تحكم علي حدة، واختبارها فنياً وعمل تقرير لكل لوحة بمحتوياتها وصلاحيتها وعمل جدول لها تحتوي علي الاسم والنوعية والمحتويات والحجم. ولكن ما يتم علي أرض الواقع غير ذلك تماماً حيث لم يتم تنفيذ سوي بند الفك فقط. ومن الغرائب في هذه المقايسة اعتماد 60 ألف جنيه لفك بوابتي الأمن بالرغم من أنه سبق فكهما عن طريق الشركة المالكة قبل بداية المشروع وقبل دخول شركة الزهراء للموقع وتم صرف 10٪ من هذا المبلغ ـ أي 6000 جنيه ـ كترضية لشركة الزهراء مقابل فكها عدد 2 »بريزة« كهرباء!! الخاصة بالبواتين، والخلاصة أن الغالبية العظمي من بنود الالكتروميكانيكا تم فكها بمعرفة الشركة المالكة للمشروع وإضافتها لحساب شركة الزهراء وما تم فكه عن طريق شركة الزهراء لم يتم كما يجب أو كما ورد في منطوق البند بالمقايسة المطروحة. كل هذه المخالفات تدعونا للتساؤل: كيف يتم إسناد عملية تطوير وتجديد أقدم فندق أثري في مصر لشركة ليس لها تاريخ في هذا المجال بل إن تصنيفها في اتحاد المقاولين يؤهلها للتعامل في حجم أعمال لا يتعدي 6 ملايين جنيه، بينما هذا المشروع قيمته التعاقدية أكثر من 17 مليون جنيه، وتم إرساء العملية علي شركة الزهراء، بينما كان معها في المناقصة شركتان لهما سابقة أعمال أكبر من سابقة أعمال الزهراء مما يثير التساؤل عن وجود حلقة مفقودة يكمن فيها سر كيفية رسو العملية علي شركة الزهراء بينما تم رفض شركة »أوراسكوم« وشركة ACC. والأمر المدهش في التعامل مع فندق تاريخي وأثري يجمل العديد من الذكريات الخالدة علي حكام مصر السابقين الذين كانوا يفضلون الإقامة في هذا الفندق التاريخي، فضلا عن رؤساء وملوك عالميين كانوا يأتون خصيصا في الشتاء للإقامة عدة أيام في هذا الفندق الأثري الرائع الذي يطل علي نيل أسوان.. حيث ظهرت مشكلة خطيرة وهي وجود مياه جوفية أسفل قواعد مبني كتراكت الجديد منذ بداية حفر قاعدة العينة للاستكشاف ولم يتم عمل أي إجراء حيال تحليل المياه أو عمل نظام شفط المياه للقيام بأعمال التدعيم المطلوبة، حيث إن هذا العمل له نظام خاص وشركات متخصصة في هذا المجال ونظرا للرغبة في التوفير تم تخطي هذه المرحلة وتجري حالياً أعمال التدعيم في الموقع علماً بأنها مرحلة مهمة وخطيرة للغاية. والأمر الأكثر غرابة هو أن الشركة المالكة قامت بإسناد نفس العمل لنفس الشركة في مبني كتراكت القديم وتلك هي الكارثة، حيث إن المبني الجديد كان من الخرسانة والمباني الحديثة، أما المبني القديم الذي يحمل الطابع الأثري فكيف يتم إسناده بهذه السهولة لشركة لم تثبت أي جدارة في التعامل مع مبان عادية وليست أثرية. وتدير الشركة المذكورة جميع أعمالها من خلال مكتب في مدرسة خاصة، كما أنها لم تقم بتوظيف أي مهندسين في أي تخصص. ومن العجائب التي تمت عمل ستائر قماش حول مبني كتراكت الجديد علي الواجهات بتكلفة 850 ألف جنيه في حين أن عمل سور من الزنك يكلف المتر الطولي 800 جنيه. أما المكتب الخاص باستشاري المشروع ومدير المشروع وممثل المالك فيتم تجهيزه بتكلفة قدرها نصف مليون جنيه لشراء فرش مكتبي. أما تكسير خزان المياه فوق مبني كتراكت الجديد فتكلفته 400 ألف جنيه، و350 ألف جنيه قيمة هدم مبني الغلاية خلف المبني نفسه. أما تكلفة فك غلاية »كتراكت الجديد« من الواجهة فتبلغ تكلفتها 5 آلاف جنيه.. وقيمة رفع كبائن المصاعد مع تغطية المكان والمحتويات بالأقمشة فيكلف المصعد الواحد 30 ألف جنيه للكابينة الواحدة، و50 ألف جنيه قيمة فك لوحات الكهرباء والتي تم فكها وإلقاؤها علي الأرض دون أي عناية أو مطابقة لأصول الفك والتشوين. وتواصل الشركة المالكة إيجوث إهدارها للمال العام في مقايسة غريبة الشأن لأن الهدم والإزالة من أسهل الأشياء التي يتم فعلها، خاصة مع عدم الالتزام بمواصفات الفك وأيضا مع الإزالة الفورية وعدم الحفاظ علي ما يتم فكه من أدوات كهربائية أو مصاعد أو أدوات صحية فكيف تقبل الشركة المالكة بهذه الأسعار إن لم يكن هناك تواطؤ لأن ما يحدث ليس له ما يبرره. فكيف تفسر أن تبلغ تكلفة فك الأدوات الصحية من حمامات الفندق »250 حماماً« نحو 280 ألف جنيه لتباع بما لا يتعدي 25٪ من قيمة الفك، و60 ألف جنيه لفك شبكة مواسير المياه، و231 ألف جنيه قيمة فك بند الكهرباء من الفندق شامل اللوحات والكابلات والمفاتيح والفيشات ومحتويات الفندق الكهربائية فقط بغض النظر عن أعمال التكييف والتبريد وشبكة كاميرات المراقبة وشبكة التليفونات وشبكة المعلومات. والغريب أن شبكة التليفونات التي تمت إزالتها أثناء الهدم والتي لم تكلف الشركة المقاولة أي جهد تم اعتماد مبلغ 60 ألف جنيه قيمة فك وإزالة شبكة التليفونات بالرغم من عدم تنفيذها لهذا البند، و60 ألف جنيه أخري لشبكة إنذار الحريق التي ينطبق عليها نفس موضوع شبكة التليفونات، و70 ألف جنيه فك شبكة الستالايت وملحقات شبكة التليفزيون الذي قام المالك بفكها قبل أن تدخل الشركة المنفذة إلي الموقع، و60 ألف جنيه أخري لفك نظام المراقبة بالكاميرات وخلافه، الذي لم تقم الشركة بأي عمل فيها، حيث إن الكاميرات تم فكها من قبل المالك والأسلاك تم فكها أثناء عملية الهدم بإجمالي 310 آلاف جنيه تم صرفها للشركة بدون وجه حق! والأكثر خطورة ما كشفته بعض المصادر وثيقة الصلة بالمشروع هو عدم التزام الشركة المنفذة أو حتي حرص الشركة المالكة علي أثرية الفندق بعدم استخدام مونة أسمنتية أو طوب أسمنتي في المباني الأثرية وهو ما خالفته الشركة، حيث قامت باستخدام الطوب الأسمنتي في الحمامات والمطابخ بارتفاع 120 سنتيمتراً، حيث تزن الطوبة 2 كيلو جراما، مما يمثل أحمالاً إضافية علي الحوائط القديمة، هذا بالإضافة إلي التوسع في استخدام الحديد والكمرات الحديدية والتي تزن الكمرة الواحدة 250 كيلو جراماً، وتبلغ كمية الحديد المستخدمة 8 أطنان مما استدعي تحذير هيئة الآثار من انهيار المبني نتيجة زيادة أحمال الكمرات الحديدية. أما حكاية النمل الأبيض وفشل الشركة في حماية المبني منه، حيث يتمثل وجود هذه الحشرة خطورة علي المباني الأثرية القديمة والتي يدخل الخشب في إنشائها، الأمر الذي أدي إلي قيام الشركة بإعداد دراسة لمكافحة النمل الأبيض بتكلفة 5 ملايين جنيه للقضاء علي النمل الأبيض وهو مبلغ كبير جداً ومبالغ فيه ولم تعتمده الشركة المالكة »إيجوث« حتي الآن. وما يثير العجب هو كيف يتم تطوير وتجديد أكبر وأقدم فنادق مصر التاريخية بهذه الطريقة وكيف يتم السماح لشركات ليس لها خبرة في هذا المجال بالدخول في هذه العملية وهي شركة مصنفة في اتحاد المقاولين بحجم أعمال لا يتعدي 6 ملايين جنيه.