كليم الله موسى - عليه السلام - (4)
دعوة فرعون ومجادلته (ب)
الحمد لله العلي الأعلى؛ خلق فسوَّى، وقدَّر فهدَى، واختار من عباده واصطفى، فأرسلهم للناس دُعاةَ حقٍّ وهدًى، نحمده على خلقه ورعايته، ونشكره على هدايته وكفايته، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، أقام حُجَّته على خَلْقه أجمعين، فأرسل رُسلَه مبشِّرين ومنذِرين، فمَن تبعهم فلنفسه، ومن ضلَّ فإنَّما يضل عليها؛ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15].
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسولُه؛ لقيه موسى - عليه السلام - في معراجه إلى السماء، فأشارَ عليه أن يسأل ربَّه التخفيفَ عن أمَّته، فخفَّف الله - تعالى - عنها بسؤاله، ومشورةِ موسى - عليه السلام - وهكذا الرُّسل - عليهم السلام - هم أنصحُ الناس للناس، وأتقاهم لله تعالى، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدِّين.
أما بعد:
فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واعتبروا بما مَضَى من أعماركم، وتزوَّدوا فيما بقي من أيَّامكم، واعمُروا آخِرتَكم أكثرَ ممَّا تعمرون دنياكم؛ فإنَّ الدنيا دار عمل وفناء، وإن الآخرة هي دارُ القرار؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ} [فاطر: 5].
أيها الناس:
سِيَرُ الأنبياء والمرسَلين - عليهم السلام - هي خيرُ سِيَر تنفع الناس، وأخبارُهم مع أقوامِهم مليئة بالعِبر والعظات، وقد أخبر الله - تعالى - أنَّ قصص القرآن هي أحسنُ القصص في قوله - سبحانه -: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآَنَ} [يوسف: 3]، وغالب قصص القرآن هي قصص الأنبياء - عليهم السلام.
وقصة موسى بن عمران - عليه السلام - هي أكثرُ القصص ورودًا في القرآن، وأعجبُها أحداثًا ومواقف، وأبلغها عبرًا ومواعظ، وهي تُجسِّد واقعَ البشر، وانقسامهم إلى فريقين، وتُبرِز حقيقةَ الصِّراع بين الحق والباطل، والمداولة ب
االباقي بالألوكةhttp://www.alukah.net/articles/1/7598.aspx